فدائيين السويس الأسطورة
وفي اليوم نفسه قامت فرقتي (آدان) و(ماهيه) الإسرائيليتان بالتقدم نحو السويس وقطعتا طريق القاهرة-السويس.
وفي اليوم التالي قام الجنرال (آدن) بالإندفاع بفرقته المدرعة نحو السويس، ومع حلول منتصف ليلة 22 أكتوبر صدر قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار وكانت القوات الإسرائيلية وقتها على بُعد 35 كم شمال السويس. وبرغم إلتزام مصر بقرار مجلس الأمن فإن إسرائيل -كالعادة- بدأت في التحرك بإتجاه السويس كآخر مكسب يمكن أن تحققه في الحرب.
ومع منتصف ليلة 23 أكتوبر وصل لوائين مدرعين إلى مشارف المدينة في الوقت الذى كانت فيه فرقة الجنرال (ماجن) تحاول عزل السويس عن العاصمة. ورغم أن القوات الإسرائيلية فقدت نحو 200 دبابة أثناء تقدمها إلا أنها أصبحت مع نهاية ليلة 23 أكتوبر على مشارف السويس التى كانت على موعد مع التاريخ لتسجل واحدة من أعظم معارك الدفاع عن الأرض والكرامة ولتجعل من عتباتها مقبرة للغزاة.
مع الساعات الأولى من يوم 23 أكتوبر أدرك شعب السويس أن القوات الإسرائيلية على وشك مهاجمة المدينة ولذلك فقد أستعد كل من في المدينة للزود عن الأرض. ولأن السويس لم يكن بها في ذلك الوقت أي وحدات عسكرية نظامية فقد أعتمد الأهالى على السلاح الخفيف. وأصبح عبئ الدفاع عن المدينة على عاتق رجال الشرطة وأبطال منظمة سيناء العربية التى كانت تضم بين جنباتها مجموعة من أروع الفدائيين.
وفي اليوم نفسه أصدر مجلس الأمن قرارا ثانيا بوقف إطلاق النار على أن يبدأ سريانه أعتبارا من السابعة من صباح 24 أكتوبر.
ومع أول ضوء من يوم 24 أكتوبر بدأ العدو في دك المدينة بالطيران ثم أشتركت المدفعية في القصف في الوقت الذى بدأ الفدائيين في تنظيم أنفسهم، ولاحظوا أن القصف يتحاشى مداخل المدينة فأدركوا أن العدو سيستخدم هذه المداخل في أقتحام المدينة وعلى الفور تم تعديل أماكن الكمائن، وكما توقعوا بدأت الدبابات الإسرائيلية التقدم على ثلاث محاور:
- محور المثلث وهو المدخل الغربي للمدينة ناحية الطريق الرئيسي القادم من القاهرة إلى السويس وأمتداده هو شارع الجيش وميدان الأربعين.
- محور الجناين عبر الطريق القادم من الإسماعيلية حيث المدخل الشمالي للسويس حتى منطقة الهويس ثم شارع صدقي ومنه إلى ميدان الأربعين.
- محور الزيتية وهو المدخل الجنوبي للمدينة من ناحية ميناء الأدبية وعتاقة بمحاذاة الشاطئ ويمتد حتى مبنى محافظة السويس والطريق المؤدي إلى بورتوفيق.
وأعد الفدائيون تحت قيادة الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس عدة كمائن في مواقع إستراتيجية بالسويس
فهناك كمين رئيسي وعدة أكمنة فرعية عند كوبري الهويس على أمتداد محور المثلث وكمين رئيسي عند مزلقان البراجيل بشارع الجيش وبه أفراد من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين بقيادة أحمد أبو هاشم وفايز حافظ أمين من منظمة سيناء العربية.
وفي ميدان الأربعين كمين آخر يضم محمود عواد قائد الفدائيين ومعه محمود طه وعلي سباق من المدنيين إضافة إلى عدد من الجنود ورجال الشرطة.
وكمين آخر عند مزلقان السكة الحديد بجوار مقابر الشهداء ويضم محمود سرحان وأحمد عطيفي وإبراهيم يوسف إضافة إلى عدد من الجنود ورجال الشرطة.
وكمين آخر حول ميدان الأربعين به عبد المنعم خالد وغريب محمود غريب من منظمة سيناء ومعهم آخرون.
وعند مبنى المحافظة كمين آخر يقوده نقيب شرطة حسن أسامة العصر ومعه بعض الجنود.
أصبحت السويس محاصرة تماما بفرقتين مدرعتين، وقبيل بزوغ الصباح وسريان وقف إطلاق النار بدأت القوات المعادية التقدم ودخلت المدينة دون مقاومة، وكانت خطة الفدائيين هي إدخال القوات الإسرائيلية الشرك ثم محاصرتها
وبدأت الدبابات الإسرائيلية في السير بما يشبه النزهة داخل المدينة التى بدت خالية على عروشها حتى أن بعض الجنود الإسرائيليين نزلوا لإلتقاط بعض التذكارات من الشوارع.
وفجأة فتحت السويس أبواب الجحيم في وجه العدوان!
ودارت معركة طاحنة بين الفدائيين وقوات العدو، وكانت أشرس المواجهات في ميدان الأربعين حيث واجه محمود عواد ومجموعته رتل من الدبابات، وقام عواد بإطلاق ثلاث قذائف ار بي جي لم تكن مؤثرة، وأنتقل الكمين الذى كان يتمركز عند سينما رويال ( مكان بنك الاسكندريه الحالي ) لمساندة محمود عواد ومجموعته وفي الوقت الذى كانت تتقدم فيه دبابة من طراز سنتوريون العملاقة أعد البطل إبراهيم سليمان سلاحه وأطلق مباشرة ليخترق برج الدبابة وتطيح برأس قائدها الذى سقطت جثته داخل الدبابة ليطلق طاقمها صرخات مرعبة ويفروا مذعورين ومن خلفهم طواقم جميع الدبابات خلفها!!.
يقول البطل محمود عواد: (بعد أن أصاب إبراهيم الدبابة الإسرائيلية القى سلاحه وقام بحركات بهلوانية وأخذ يصفق بقدميه مبتهجا وهو يصرخ "يا بو خليل يا جن")
وفتح الفدائيين النيران على جنود العدو من كل شبر في ميدان الأربعين فأصيبوا بالذعر والهلع وتركوا الدبابات للبحث عن أي ساتر ولم يجدوا أمامهم سوى قسم شرطة الأربعين، أما دبابات الموجة الثانية فقد أصابها الرعب هي الآخرى وأستدرات هاربة وتصادمت مع بعضها البعض وأندفع أبطال السويس يصطادون الدبابات المذعورة.
وفي ذلك اليوم سقط أول شهداء السويس وهو البطل أحمد أبو هاشم شقيق الشهيد مصطفى أبو هاشم الذى أستشهد في 8 فبراير 1970.
وبعد تدمير معظم المدرعات الإسرائيلية التى دخلت المدينة تركزت المعركة في مبنى قسم شرطة الأربعين بعد أن فر إليه جنود العدو وتحركت كل الكمائن لمحاصرة القسم وإطلاق النيران عليه من كل جانب، وحاول الجنود الإستسلام لكن المحاولة فشلت، ولم يعد امام أبطال السويس إلا أقتحام القسم وجاءت المبادرة من الشهيد البطل إبراهيم سليمان بطل الجمباز ومعه أشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين وإبراهيم يوسف وتم وضع الخطة بحيث يستغل إبراهيم سليمان قدراته ولياقته البدنية في القفز فوق سور القسم لكن رصاصة غادرة من العدو أسقطته شهيدا فوق سور القسم وبقى جسده معلقا يوما كاملا حتى تمكن الفدائيون من إستعادته تحت القصف الشديد.
يقول محمود عواد أن الشهيد إبراهيم سليمان كان قد أوصاه إذا هو مات أن يقوم الشيخ حافظ سلامه بدفنه بنفسه، لكن ظروف الحرب لم تسمح بذلك وقام عواد بدفن الشهيد بنفسه.
وبعد إنتهاء حصار السويس الذى أستمر 100 يوم قام الشيخ حافظ سلامه بإخراج جثمانه لينفذ وصيته، يقول الشيخ: (أخرجنا جثمانه فكأنه مات منذ دقائق وليس من 100 يوم، ويومها غمرت السويس كلها رائحة طيبة لا يمكن وصفها..)
وجاءت المحاولة الثانية من البطل أشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين اللذان قررا أقتحام القسم من الأمام وبعد أن تحركا تحت ساتر من النيران فتح قناة العدو النيران عليهما ليسقط أشرف شهيدا على سلم القسم ويسقط زميله فايز شهيدا بجوار الخندق داخل القسم.
وعند حلول ليلة 24 أكتوبر كانت قوات العدو قد أنسحبت بالكامل خارج السويس بعد أن تركت قتلاها ومدرعاتها سليمة عدا المحاصرين في القسم. وقام البطلان محمود عواد ومحمود طه بإحراق المدرعات الإسرائيلية خشية أن يتسلل إليها العدو.
وأنتصرت السويس إنتصارا باهرا وأصبحت مقبرة اليهود. ومنذ هذا التاريخ تحتفل مدينة السويس في الرابع والعشرين من كل عام بعيدها القومي.
يقول الجنرال حاييم هرتزوج -الرئيس الإسرائيلي فيما بعد- في كتابة "حرب التكفير" (إن الكتيبة المدرعة التى دخلت السويس من ناحية المثلث وكان عددها 24 دبابة قد قتل أو جرح عشرون قائد دبابة من قادتها الأربعة والعشرون )
تعالوا معي نقرأ ما حدث في ذلك اليوم بالتفصيل
ويقوم برواية الاحداث الاشخاص اصحاب الحدث الذين لم ينالوا الشهاده وما زالوا متواجدين معنا
حتي هذهاللحظه يوم الاحد 4 /10 / 2008 وقت كتابة هذا الموضوع
اطال الله في عمرهم ورحم شهدائنا وجزاهم عنا خيرا
الموضوع عباره عن تفريغ للفيلم التسجيلي ( السويس الذاكره المنسيه ) الذي تم عرضه علي قناة الجزيره بتاريخ 26 / 10 / 2005 حيث انه للاسف لم يتوافر لدينا نسخه من الفيلم وهو فيلم وثائقي
السويس الذاكره المنسيه
عبد المنعم قناوي– فدائي سابق بمنظمة سيناء العربية: على طول جبهة طولها مائة وخمسة وسبعين ألف متر كان في كل متر فيه بطولة أثناء عملية اقتحام قناة السويس وتسلق خط بارليف والنقط القوية، لازم إحنا نتذكر الأيام اللي عدّت دي ما عدّتش أونطة كده لازم نتذكرها.
محمود عواد– قائد مجموعة بمنظمة سيناء العربية: يعني القيادة في الفدائية مش بالشهادات العليا ولكن بكفاءة بعدد دخولك الأرض هناك وعدد العمليات الناجحة اللي أنت عملتها، ده في العمل الفدائي على جميع المستويات في العالم كله.
أحمد عطيفي– فدائي سابق بمنظمة سيناء العربية: لا يستطيع حد يقول إيه اللي حصل في أربعة وعشرين أكتوبر إلا إحنا، لأن إحنا اللي صنعنا أربعة وعشرين أكتوبر بفضل من الله وفقط.
محمد سرحان– فدائي سابق: في 1967 أنا كمواطن عادي مش معقول إن مصر تنضرب، مش معقول إن مصر تنهزم، الجيش اللي كان بقى له 19 يوم عمالين نوديه في سيناء في ساعات تدَمّر.
عبد المنعم خالد– فدائي سابق: البلد كانت.. الجيش بتاعها كان وقتها قليل فجاء الرئيس جمال عبد الناصر أعلن إن شعب خط القنال يحمل السلاح ليدافع كل واحد عن مدينته.
عبد المنعم قناوي: بعد نكسة يونيو 1967 وتكونت مجموعات المقاومة الشعبية لحماية المنشآت الحيوية اللي موجودة داخل مدينة السويس.
محمود عواد: رحنا بعد كده بور توفيق نحرس بور توفيق من محاولة الإنزال فسمعت إن هيشكلوا فرقة دوريات بحرية تطلع من الميناء تقعد طول الليل تحرس شركات البترول من البحر عشان يمنعوا محاولة العدو إن هو يدمر الشركات.
عبد المنعم قناوي: دي كانت مهام بتتم يوميا من ستة مساء لستة صباحا، دوريات ليلية لتأمين السفن الراسية.
محمود عواد: ولكن برضه أنا ما كنتش مقتنع بهذا الكلام، مش مقتنع عايز أدور على أي حاجة فبدأت أسعى.
عبد المنعم قناوي: فسمعنا عن تكوين منظمة فدائية على غرار المنظمات الفلسطينية زي فتح وغيرها، أطلِق على هذه المنظمة منظمة سيناء العربية، فبدأ المتطوعين من أبناء السويس من المجموعات الانتحارية بالذات تنضم فرادى.
عبد المنعم خالد: ومع بحث وجرى ورمح ففهمت إن مكتب المخابرات يعني ممكن يجندني لعمل زي ده، رحت أنا المكتب هناك عندهم سألت على الضابط قالوا لي موجود إستنى، قعدت شوية، دخلت له قال لي أيوه يا عبد المنعم، قلت له أيوه يا أفندم أنت سيادتك عارفني؟ قال لي آه.. مش أنت اللي ضربت على العدو؟ قلت له أنا اللي ضربت على العدو، قال لي إحنا عارفين أنك راجل وطني وراجل بتحب بلدك وإحنا نحب الرجالة اللي زي دي، قلت له خلاص مادام بتحبوا الرجالة اللي زي دي وبتحبونا شوفوا لي أي مصلحة أروح أضرب العدو هناك، قال لا دخول جوه غير المكان اللي أنت قاعد فيه في البلد هنا، قال لي سيناء واسعة وكبيرة وما يفهموهاش إلا الناس العرب اللي جوه، قلت له تماما، قال لي فإحنا إيه.. هنعمل لك إيه.. برنامج إن شاء الله وهندخلك يا سيدي سيناء، المهم جابوا لي استمارة ومضيت على الاستمارة مليتها ومضيت ودخلت جوه أوضة كده صوروني ثلاث تصويرات، صورة من الخلف وصورة من الجانب وصورة من الأمام وقالوا لي إحنا إيه هنبعت لك بس تكون في المكان والحاجات دي طبعا ما تقولش لحد عليها دي حاجات سرية بينا وبين بعضنا، قلت له لا ما تخافش، قال لي إيه رأيك تجيب لي واحد معك، قلت له ماشي أنا ما عنديش مانع، فأخذت بعضي ونزلت على الأربعين لزميلي غريب ده قلت له يا عم غريب، قال لي إيه، قلت له إيه رأيك في شغل كويس، قال لي شغل إيه؟ قلت له نروح سيناء، غريب محمد غريب أتصور وملئ استمارة وكل حاجة وجاب الألغام هيدرب غريب فدربه وأنا معاه ومش عارف إيه وقال أنتوا تروحوا ولما أعوزكم هأبقى أجيلكم خلاص يا غريب، قال له خلاص يا أفندم، خدنا بعضنا ومشينا وروّحنا وثاني يوم لقينا عربية آخر النهار جاية تعالى يا عبد المنعم تعالى هات غريب معاك وتعالى، خدنا بعضنا ورحنا لقيناهم مجهزين لنا ألغام نفس عملية زرع الألغام اللي إحنا عملناها أول مرة هنعملها ثاني مرة، عدينا من منطقة ثانية وخدنا بعضنا ورحنا زرعنا ألغامنا وجينا، ثاني يوم بعت لي قال لي عاوزين إيه واحد كمان فأخذنا زميل برضه لنا أسمه محمود عواد أكبر مننا برضه وأكبر مني سنا وراجل كان في الجيش.
محمود عواد: بأقول له إحنا يا منعم هنفضل كده قاعدين واليهود في سيناء هنسيبهم كده يقعدوا ده هيبنوا خلاص وهيخدوا سيناء وهنفضل إحنا كده وهمّ كده، قال لي يعني أنت نفسك تعمل حاجة؟ قلت له طبعا يا منعم، قال لي طب تعالى معايا، فين؟ قال لي تعالى المخابرات، فالمهم رحنا هناك قابلوني وخدوا بياناتي وجابوا لي طلب قدمته وبدؤوا يتحروا عني شهرين ثلاثة، جابوا جدود جدودي من الصعيد.. يعني المخابرات بتاعتنا مش أي واحد يخش فيها كده بتقول له أهلا وسهلا، لا سابوني لغاية ما جئت في يوم قالوا تعالى تفضل روحت قعدوا برضك معايا حوارات هما بيعرفوا منها الإنسان وراحوا مكلفنا بمأمورية نحط فيها ألغام ودي كانت أول مأمورية أطلعها أنا وعبد المنعم خالد والله يرحمه غريب محمد غريب، هذا الرجل برضك من فدائي 1956 زملاء الشهيد مصطفي كان راجل قلبه زي الحديد.
عبد المنعم خالد: وقال أنا عاوزكم بقه إن شاء الله تكبروا لي بقه إيه المجموعة بتاعتكم، فابتدينا بقه إيه.. الحاج ميمي سرحان على سعيد الباشتلي على أبو هاشم على فايز على أشرف على مجموعة كبيرة جدا وقعدنا نجمع وخدنا.. ابتدأت المخابرات يدربونا على أعلى تدريب.
محمد سرحان: أول يوم رحت عادي رحت قابلت القائد سلام عليكم.. عليكم السلام قال آه طيب أقعد، الراجل قعد.. قعدوني من الساعة الثامنة صباحا لغاية الثامنة ليلا لا صلاة ولا أكل ولا شرب حطوني في أوضة كبيرة كده بتاع ثمانية أمتار في عشرة أمتار وكل مثلا ثلاث ساعات يخش لي واحد عسكري معلش أصل الكابتن مش عارف راح فين، بقول لك أول يوم كده ما حطيتش حاجة في معدتي خالص، ثاني يوم قلت ياض إيه.. قالوا لي معلش أصل بيتأسف تعالى بكرة الساعة الثامنة، جئت ثاني يوم معايا سندوتش قلت يمكن أقعد عندهم نصف ساعة ولا ساعة سندوتش يعني أي حاجة، رحت زي امبارح عملوه النهارده.
أحمد عطيفي: بعد ما إحنا دخلنا والتحقنا بالعمل الفدائي بصينا لقينا زميلنا فلان دخل وفلان دخل.. قابلنا زمايلنا جوه لأنه كل واحد كان رايح برغبة منه شخصية فلما جينا نكلم المسؤول طب أنتوا عملتوا كده ليه؟ يقول لك أولا باشوف هل أنت جاي بطريقة رد فعل وقتي ولا أنت مُصِر إن أنت تكون فدائي.
محمود عواد: كانت مهمتنا إن كان في اثنين مدرعة ودبابة بيعملوا دورية كل يوم في ميعاد معين إن إحنا ندمر الوردية دي ونجيب أسير والكلام ده كان لازم يكون في وضح النهار علشان نثبت لهم كفاءة الجندي المصري.
عبد المنعم قناوي: لأن طبعا العدو خلاص إعتاد إن المصريين بيعدوا بالليل وبيعملوا عمليتهم ويمشوا فإحنا بقى في اليوم ده واجهناهم بقه والأوامر عندنا إن إحنا ننفذ العملية بالنهار وهمّ متحركين، فإحنا عدينا طبعا زي ما قلت بالليل وفحتنا مكان للعبوة.. قوالب تي ان تي مجهزة بتوصيل كهربائي على سبيل أول عربية تيجي فوق العبوة نوصل السالب بالموجب فتنفجر العبوة، المجنزرة دي أو المعدة الأوّلانية دي هتطير في الهواء حوالي يمكن عشرة 15 عشرين متر وطبعا تقع باللي فيها.
محمود عواد: اليوم ده لما قمنا بالعملية الصبح جاء الطيران تدخّل مجرد ماا قواتنا أسقطت طائرة سكاي هوك جري الباقي كله ما وقفش لأن فاجئانا لأن العملية دي أعدت إعداد كويس، كانت المدفعية الميدانية مستعدة، المدفعية م.ط والصواريخ كله مستعد للتدخّل وما فيش واحد فينا فُقِد أو واحد فينا أصيب إلا الزميل محمود طه.
عبد المنعم قناوي: وزرعنا العلم المصري شرق القناة.
محمود عواد: العلم ده فضل مرفوع من 5/11/1969 لغاية ما قواتنا عبرت في 1973.
عبد المنعم قناوي: حانت ساعة الخلاص وساعة الانتقام يوم العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973 لمّا حدثت المعجزة بتاعت اقتحام قواتنا لقناة السويس وتسلقها للساتر الترابي اللي وصل ارتفاعه لحوالي 22 متر.
عبد المنعم خالد: بصينا لقينا سيناء دي بقه والعة طبعا الناس كلها في البلد الله أكبر.. الله أكبر قواتنا عبرت.
محمود عواد: فوجئنا بأن الطيران بيخش وبيخسر طبعا زعلنا وجريت على المكتب يا أفندي إحنا.. قال أنتم يا جماعة لسه دوركم ما جاش أصبروا بس دوركم جاي لسه.
أحمد عطيفي: وبدأت الحرب ماشية كويسة جدا.. جدا إلى أن تدخلت القوات الأميركية تدخل مباشر.
عبد المنعم قناوي: لما العدو الإسرائيلي تمكن إن هو يعمل الثغرة في منطقة الدفرسوار وعَبَر القناة غربا.
أحمد عطيفي: لما إحنا عرفنا إن العدو هيحاول يقتحم السويس قلنا لازم نواجهه بأسلحة مضادة للمدرعات أسلحتنا المضادة للمدرعات موجودة في القواعد بتاعتنا على خليج السويس وما تمكناش إن إحنا نروح نجبها، كان في الوقت ده كان عندنا الشيخ حافظ سلامة قال لنا إن إحنا نروح نشيل بعض الشهداء فعرفنا إن الشهداء اللي بيكونوا موجودين والمصابين بيخدوهم يودّوهم المستشفي وياخدوا منهم السلاح وبالفعل رحنا في المستشفى ولقينا غرفة اسمها غرفة التسليح اخدنا منها اربجيه واحد هو اللي وجدناه مضاد للدبابات وثلاث صواريخ له واخدناه ورحنا بيت زميلنا الفدائي محمود عواد وقعدنا نفكر لو العدو دخل هنتصرف معاه أزاي ونواجهه أزاي.
محمود عواد: أما عرفنا خلاص لازم نستعد وأنا كده لقيت واحد جاي لابس أفرول مموه، عيل تقريبامن الصاعقة وماسك اربجيه سفن بتلسكوب وجديد لانج وجره في الأرض.
أحمد عطيفي: فمحمود عواد زميلنا بيقول له يا أبني هاتوه قال له ده بتاع واحد زميلي استشهد وده عهده.
محمود عواد: فقلت له طب ممكن يعني الاربجيه ده ونكتب لك وصل قال لي وصل راح رماه لي.
أحمد عطيفي: بقى معانا اثنين اربجيه والذخيرة بتاعتهم.
محمود عواد: جاء لنا بقى يوم 23 وحسينا بقه الناس جاية.. في ذعر الناس جاية تجرى من هنا ومن هنا، الناس تجرى تروح لغاية كده وترجع تيجي ثاني وحالة من الهلع والفزع الناس بخاصة اللي جاية من الجناين، من جميع أصناف الشعب عساكر قلعة هدومها، مدنيين، ستات، مجانين، ستات عيالها تايهة مش عارفة راحت فين، أم زي المجنونة ماشية تلطم، طبعا بدأت تيجي لنا ناس في يوم 23 وتقول لنا إحنا عاوزين نقاتل شباب حلوة زي المهندس محمد البهنسي ده مهندس جارنا هنا ده طلع يوم معانا 24 كان بيقاتل زيه زي أي فدائي موجود وبرضك وغيره وغيره، فالمهم جينا اجتمعنا إن إحنا هنعمل كمائن اليهود يا جماعة هيدخلوا، اليهود فين، كان عندنا الشهيد أشرف ده كان بسم الله ما شاء الله عليه كان كده هو ضئيل الجسم ولكن كان فيه قوة مائة واحد.. يعني العمل اللي يقوم به يساوى مائة واحد ده قالي لي أنا قفلت شارع عرابي بالعربيات.. لمّيت العربيات المضروبة وقفلت شارع عرابي وسبنا لهم شارع الجيش مفتوح لأن همّ عمّالين يركزوا على الشوارع كلها وسايبين الشارع ده سليم اللي همّ هيدخلوا منه والدبابات دلوقتي واقفة في المثلث.
عبد المنعم خالد: يوم 24 أكتوبر حوالي الساعة ستة فوجئنا لقينا الطيران دوّى في السماء عندنا عمال يدُك في البلد دك تدمير شامل.
محمد سرحان: فالساعة ستة ونصف الصبح سلمنا على بعض كلنا وقلنا ربما ما نشوفش بعض وفعلا حصل ولغاية دلوقتي اللي راح استشهد ما شوفناهوش ونتمنى من ربنا إنه يلحقنا بهم يعني.
محمود عواد: الصبح بدري إتوزعنا إلى أربع كمائن على طريق الجيش واتفقنا إن ما حدش يضرب إلا لما يدخلوا و يجوا عندي أو عند الشهيد إبراهيم سليمان إن إحنا نبدأ نضرب ونتعامل معاهم وكانت الكمائن واحد كده وواحد عكسه، . وبعيدة عن بعض ولما نسمع كلمة الانفجار وكلمة الله أكبر الكل هينطلق ويضرب.
محمد سرحان: الدبابات اللي هي داخلة دي كانت رافعة علم الجزائر والمغرب وجايبين حاجة.. المصفحات نص جنزير دي من فوق مفتوحة فجايبين دميات.. دمي وملبسينها عساكر وممسكنها أي حاجة كده.
عبد المنعم خالد: علشان يخدوعنا ونضرب عليهم ونظهر أماكننا فين، فالمهم ما حدش فينا ضرب ودخلناهم و عديناهم لغاية لما دخلت الدبابات الثقيلة وبرضه قلنا محدش يضرب لما إيه أول دبابة توصل عند أول كمين.
أحمد عطيفي: بالفعل بصينا لقينا فيه اشتباك حصل في النسق الأوّلاني، حصل اشتباك، حصل ضرب، حصل انفجارات.
محمود عواد: هنا كان في دوشمة خرسانية من سنة 1956 وكانت مليانة ورق وزبالة ولكن من براها من سقفها حطيت الاربجيه أول دبابة دخلت السويس أصبتها بفضل الله ه وغيرت مكاني وقفت على ناصية الشارع ده وراقبت الدبابات الثانية اللي جاية لقيت ثاني دبابة جت وقفت والمدفع متصوب على الدوشمة دي وضربت الدوشمة لغاية ما نسفتها ولعت فيها النيران لأن الورق اللي فيها والأكياس اللي فيها فغيرت مكاني ورحت جري من عند الأجزخانة وكملت الطلقتين اللي معايا فأصبت بهم دبابتين ولكن.. يعني الضرب فيهم ما كنش مؤثر لأنهم كانو من الدبابات سنتريون أصبهم آه لكن ما وقفوش.
أحمد عطيفي: بصينا لقينا إبراهيم سليمان جاي بيقول يا عطيفي تعالوا بالاربجيه اللي معاكم في خط الدفاع الأول، قلنا له ما أنتوا هناك، قال إحنا ضربنا ولكن همّ مش هيجوا من عندكم همّ ماشيين في خط واحد بالفعل قمنا وجرينا على المنطقة اللي هي بجوار سينما رويال ( مكان بنك الاسكندريه الحالي ) وكان عبارة عن جنينة فيها خندق بتاع أفراد ركبنا فوقه وبدأنا نقاتل المدرعات ضربت أنا دانة بالاربجيه السفن على دبابة ماركتها أو الموديل بتاعها باتون 48 أ 3 أصبتها ولكن لم تدمر تدمير كامل وكملت المشي من الاستعجال في الحرب أنا مسكت الاربجيه من الماسورة بطريقة خطأ أيدي اتحرقت الشمال فأديت الاربجيه لزميلنا الشهيد إبراهيم محمد سليمان وإبراهيم محمد سليمان كان اللي فاضل معانا صاروخين دانتين فقط راح قاعد وجت الموجة التانية من الدبابات كانت دبابات ماركة سنتريون سبعة راح قاعد على الخندق وراح ضارب دبابة وكانت أول دبابة تدمَر في السويس، اللي كان من كتر غرورهم كانوا فاتحين المغازل بتاعت السواق بما إن المفروض في العمليات ما تتفتحش، لمّا دخلت الصاروخ بتاع الاربجية بتاع إبراهيم سليمان دخل شال رقبة السواق.
محمد سرحان: دماغ السواق دي أكنك شلتها بسيف بقت في الأرض زي الكرة، .. قائد الدبابة وقع.
محمود عواد: فالجثة لما سقطت جوه حصل عند بقية الطقم فزع ورعب وده بتاع ربنا الوعد اللي وعدنا بيه سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب.
أحمد عطيفي: ولكن الدبابة ما أنفجرتش وقفت فحبوا يتعاملوا معانا طلعوا واحد يطلع بيضرب بالمدفع النص بوصة، طلقات نص بوصة بيضربوا بها الأفراد ودي طلقات خارقة حارقة.
محمود عواد: لقيت أربعة من زملاتي واقفين و دبابة واقفة والبرج بتاعها الماسورة متوجهة عليهم وهمّ واقفين عمالين يقاتلوا اللي هو الزميل البطل أحمد عطيفي والشهيد إبراهيم سليمان والزميل البطل محمد سرحان وكان معاهم محمد البهنسي.
أحمد عطيفي: محمود عواد كان في الناحية التانية من السكة الحديد شاور لنا نخف الضرب راحوا مطلعين رشاش النص بوصة قفلوا عليهم البرج وبدؤوا يضربونا بالمدفع المائة وسبعة مللي بتاع الدبابة، طلعت منه بالفعل قذيفة لكن الحركة الميكانيكية بتاعتها متمتش والمدفع نزل على الأرض.
محمود عواد: أنا شايف بقه إيه اليهود يحطوا أيدهم على البرج كده يجوا يطلعوا يلاقوا الطلقات ينزلوا تاني، رحت بفضل الله شاورت لزملاتي كان معايا قنابل يدوية وكنت خلاص خلصت الذخيرة وكان معايا اللي هو فتحي سباق ده اللي بيشيل لي الذخيرة مَسّكته الاربجيه وجريت شاورت لهم أنا من الشارع اللي هنا وهمّ من الشارع هناك ورحت بفضل الله طالع فوق الدبابة ورحت رامي كان البرج مفتوح همّ بيحاولوا يخرجوا منه ورحت رامي قنبلة.
أحمد عطيفي: وده أدى إلى انفجارها انفجار تام، دي لما قفلت السكة بدأت كل الدبابات والمدرعات والعربيات النص جنزير وخلافه بدأ يقف وراءها لأن قفلت السكة وهمّ عارفين زي ما إحنا دارسين وهما دارسين الإسرائيليين إن أي مدرعة تقف في مدينة يعني قبر متحرك هتنضرب بسهولة.
محمود عواد: كلهم جم بقوا يركنوا الدبابات يمين يا إما يقفلوا على نفسهم ويقعدوا يضربوا بالمدفع زي ما تيجي بطيخي مرة فوق مرة تحت أو يجروا يهربوا يستخبوا في البيوت.
أحمد عطيفي: أنا كنت واقف في صالة قطع التذاكر بتاعت سينما رويال وبصيت لقيت فيه دبابة واقفة.. مدرعة واقفة جانبي فشلت القنبلة ورمتها فيها اللي مات مات واللي عاش حب يستخبى فبيستخبى في المكان اللي أنا واقف فيه فكانت لحظة ما فيش متر ونصف لدرجة إني لما ضربته وقتل وقع عليهّ اللحظة دي كانت بتبقى إزاي . دي بتتم في جزء من الثانية لكن بتبقى للإنسان فينا شعوره إيه الشعور بيبقى في لحظة سمو، السمو اللي أنت فيها عايز تقاتل كويس جدا عايز تقتل أكبر عدد ممكن علشان تموت بثمن فكان الموت جميل لأن أنت بتشوف زملائك في لحظة كان معك في لحظة مات واستشهد وكانت دي أكبر أمل لنا وده اللي خلانا دخلنا منظمة سيناء تبع المخابرات الحربية.
محمود عواد: كان المؤسف ان جميع أقسام السويس رفعت الأعلام البيضاءبأمر المحافظ في ذلك الوقت ، نزّلت علم مصر ورفعت العلم الأبيض وده اللي شجع اليهود إن هو يدخل قسم الأربعين عشان يتحامى فيه لأن القسم ده قلعة.
أحمد عطيفي: هو عبارة عن مبنى يحوطه شوارع من الأربع جهات يعني ممكن إنه يتم الدفاع عنه بسهولة وبالفعل إحنا جئنا قتلنا كل الناس اللي حوالين البيوت واللي حوالين قسم الأربعين وقلنا نهاجم قسم الأربعين.
محمد سرحان: لما احتلوا القسم كان يجب إن إحنا نحاول نفك حصار القسم ده بأي طريقة.
عبد المنعم قناوي: بدأت بقى المعركة بدأ كل زميل يؤدي الواجب اللي عليه بأمانة منهم اللي سقط في الأول ومنهم اللي قعد في الآخر واتسقطوا.
أحمد عطيفي: إبراهيم أصلا كان بطل من أبطال الجمباز قال أنا استروني بالنيران وأنا هأنط أبقى جوه القسم والشهيد فايز يدخل من الباب اللي ورا والشهيد أشرف يدخل من الباب اللي قدام ويخطط له إبراهيم لسه بيطير في الجو وبينط راح واخد دفعة رشاش في صدره نام فوق السور، سبناه هنعمل له إيه، أشرف دخل وفايز سمعنا قتال بينهم وبين الإسرائيليين القتال وقف استشهدوا همّ كمان، قعدنا نقاتل إلى أن قلنا نضرب القسم ده بأي شكل ضربناه وبشكل عنيف جدا راحوا مطلعين لنا عسكري كانوا أسرينه من عساكر الشرطة وقالوا إن همّ عايزين يسلموا بس نضمن لهم حياتهم.
محمد سرحان: قلت له يا محمود خد الراجل ده وديه لمحمود عواد لأن كان محمود عواد أتصاب وراح المستشفى يعملوا له شوية إيه إسعافات.
محمود عواد: جايب لي واحد شويش مطلعين الشويش ده علشان عاوزين يسلموا، اليهود عايزين يسلموا بس بيقولوا له إيه.. إحنا مش هنسلم للصاعقة اللي بره، هو ما فيش صاعقة بره ولا ناس ولا واحد فينا لابس أفارولات دأنا لابس بروفر عادي وكوتشي.
أحمد عطيفي: ومحمود خد العسكري ده وراح لقائد المخابرات قال له عايزين يسلموا نفسهم قال له يرموا أسلحتهم من الشبابيك ويرفعوا راية بيضاء وإحنا نضمن حياتهم، العسكري رفض يرجع لأن همّ شرطين إن هو يرجع قلنا ما فيش فائدة نضرب القسم بقنابل حارقة بحيث إن إحنا نخلص منه بأي شكل وبالفعل قعدنا نضربه بقنابل حرقة قدرنا نخلص منه كل ده والمدرعات كلها واقفة دايره مواتيرها دايره.
محمود عواد: بعد كده جاءت لي التعليمات .. قال لي متخلوش مدرعات دايرة لأحسن يتسللوا تاني وهيستعملوها أحرقوها وكانت يعني العملية دي حلوة جدا لأنها رعبت اليهود رعب رهيب جدا ( فيما بعد في كتاب التفصيل قالوا إن هم شافوا جنود صاعقة عمالقة ولهم أنياب.)
أحمد عطيفي: كل اللي دخل السويس ما خرجش.
محمود عواد: ناس كتير اتكلموا مع فضيلة الشيخ حافظ سلامة علشان إزالة الساتر فهو من رأيه بيقول إن المعركة لم تنتهي بعد، المبنى الوحيد في السويس اللي ما زال الساتر الواقي من القذائف اللي كانت بتيجي من جانب العدو الإسرائيلي حول مسجد الشهداء.
أحمد عطيفي: مسجد الشهداء أول حرب 1967 كان قائم بدور الدعوة لتشجيع الجنود وتعريفهم بدينهم وتعريفهم بفضل الجهاد وإلى أخره لغاية لما جاءت سنة 1973 إحنا علمنا إن الشيخ حافظ كان في القاهرة وعلشان يجيء من القاهرة للسويس كان الطريق أتقطع فجاء هو على عربية بتاعت مدفع لغاية لما دخل السويس، لما دخل السويس علاقاته كويسة بكل الناس العسكريين بقوا يجيؤون يتكلموا معه الحرب بدأ لمّا الحصار بدأ بقى كم كبير من العسكريين والرتب العسكرية والعسكريين العاديين داخل المسجد، كان الشيخ حافظ اللي عنده الذخيرة أو عنده سلاح يوديه المسجد، إحنا عايزين ذخيرة أو عايزين حاجة نروح نأخذ من المسجد، فبقى حركة اتصال لما جاء اليهود عشان يقولوا إن هم عايزين يهاجموا البلد اللي رد عليهم المسجد بتاع الشهداء من خلال الميكروفون.
عبد المنعم قناوي: بالنسبة للشهداء هنا في السويس ما فيش شارع ولا حارة ولا زقاق إلا لما سقط فيها شهيد واثنين وثلاثة لأنه دي كانت اشتباكات شبه يومية طوال الستة سنوات اللي هي المدة من 1967 إلى 1973.
محمود عواد: كلهم نِعم الوفاء ونِعم الإخلاص.. يعني أخلص الناس اللي قضت فعلا وكانوا بيطلبوا الشهادة همّ الشهيد مصطفى أبو هاشم وأخوه الشهيد أحمد أبو هاشم والشهيد إبراهيم سليمان والشهيد أشرف عبد الدايم والشهيد فايز حافظ أمين والشهيد محمد محمد يوسف والشهيد سعيد البشتلي، هؤلاء الشهداء زملائنا غير أصدقائنا اللي انضموا إلينا واستشهدوا.. يعني دول ناس كانت مخلصة وهم أحياء عند ربهم يرزقون.
أحمد عطيفي: الشهيد إبراهيم والشهيد أحمد أبو هاشم لما جاءت الحرب بدأت تبقى لصالحنا 100% وما فيش أي غبار على إن الضفة الشرقية في أيدينا الله هي الحرب هتنتهي وما فيش حد فينا هيستشهد مش معقول.
محمود عواد: بكى قال لي يا واد يإبراهيم جاءت قامت الحرب وهتخلص ومش هتنول الشهادة.. يعني بقى يشتم نفسه، ليه يا رب فيعمل إيه؟ لمّا جاء الشهيد أحمد حمدي راح مقلع الشهيد أحمد حمدي الآيش بتاعه وراح حاطت له الآيش بتاعه علشان يستبارك به لأن لقى نقطة دم هنا، دم شهيد علشان ينول الشهادة وفعلا نال الشهادة وأعظم شهادة، إبراهيم سليمان واخد أكتر من أربعين طلقة في جسمه، الأوضه دي كان بيقيم فيها الشهيد السيد أحمد أبو هاشم لأن هو أسمه مركب رحمة الله عليه، قام فوجئنا به جاء على الزجاج هنا وراح كاتب.. كان الزجاج كله تراب وراح كاتب بصبعه أسامي أولاده ويمكن كنا لأول مرة نعرف أسامي بناته بنتينه الاثنين وابنه حمادة وكتبهم هنا، فضلوا أكتر من سنة وهمّ مكتوبين على الزجاج هنا.
أحمد عطيفي: إحنا دفنا الناس دي بسرعة في أثناء الحرب علشان الأمراض والطاعون بعد كذا وتسعين يوم كنا كاتبين وصية للشيخ حافظ سلامة إنه يدفنا دفن شرعي طلّع جثة الشهيد إبراهيم علشان يدفنها دفن شرعي لقيناه وأنا شفته بعيني رأسي كأنه نائم بالضبط.
محمود عواد: لما تلاقي واحد أنت دفنه بأيدك بعد ثلاثة وتسعين يوم بتفتح تربته تلاقيه نائم لسه مبتسم وذقنه كأنه واحد متوضئ، وشه وأيديه كأنه متوضئ، لسه متوضئ ومبتسم والريحة اللي طلعت من القبر بتاعه لا يمكن هشمها ولا شمتها قبل كده، فالشهيد إبراهيم يعني والشهيد سعيد والشهداء عموما هم الخيرة بتاعتنا بقول لك وبصدق يعني ربنا اختار الخيرة الصادقة مننا.
أحمد عطيفي: بدأنا طيب نعمل إيه في خلال من يوم 25 اللي هو مائة يوم حصار ويمكن المائة يوم دي فيه كثير من الناس مفقودة عندهم من الناحية التاريخية إحنا بدأنا نحاول مع المراقبين الدوليين نرسم خريطة اللي هي بتاعت فك الاشتباك الأول، فبقينا ماشيين مع المراقبين الدوليين وإحنا أصلا مش رسميين إحنا أصلا فدائيين لا نمت لأي قوات مسلحة بصلة.
عبد المنعم خالد: فطبعا قال لك مين يروح ودوا إيه واحد من الفدائيين ده يروح ويخلص معهم، فراح ميمي سرحان الحاج ميمي ومعه طبعا ضابط بس هو ما يعرفش إن هو كان ضابط، فابتدوا همّ.. الحاج ميمي قال لك لا إحنا عاوزين نجمع عددنا كله.
محمد سرحان: فوصلنا لحته قدام مننا اليهود وفيه حتة ترعة صغيرة اسمها ترعة المغربي فو أنا رايح عاوز أوصل للهدف فمحمود عواد وزمايلنا كان فيه ذرة مزروع فأنا إيه يجي البوليس الدولي معاه الخريطة وإحنا معانا الخريطة بتاعتنا فيجي محمود عواد أقول إيه يا محمود يا عواد يطلعوا التسع أنفار من الزرع.
عبد المنعم خالد: يجي ثابت على المكان إنه هو فيه إيه قوات مصرية نبتدي نلحق نجري لمكان ثاني.
محمد سرحان: المرة دي أقول أطلع يا عبد المنعم يا خالد يطلعوا همّ التسعه فيكتب مصر يلا يا واد مائة متر فمائة متر مشينا حوالي ستمائة متر، فالراجل بص لقى التسعة هما الشطرنج اللي عمالين يخشوا الزرع ويطلعوا.
عبد المنعم خالد: بس خلف في الأسماء يا عبد المنعم، يا محمود، يا غريب.. محمد غريب، الله طيب دي الناس هي هي، فجاء واحد من قوات الطوارئ الدولية الله أعلم بقى إذا كان هو بقى يهودي أو إيه ملته بالظبط.
محمد سرحان: بيقول لي أنت كوماندوز قلت له لا بص لي كده بتعجب قال لي انت كوماندوز قالت له لا برضه يهز دماغه كده عجب فبيقول لي كومانددوز قلت له اه قال لي لو سمحت روح بعيد يعني من فضلك مع السلامة، كل الرشاشات محطوطة في صدري على بُعد بس أنا معايا البوليس الدولي المهم ده موقف من المواقف وعملنا وقف إطلاق النار وحط البوليس الدولي حط إن هنا بس إيه بقى تحت الترعة ما قدرتش أعدي الترعة لأن ما كنش فيه كوبري، خلصنا من هنا لفيت لحته ثانية عدينا الترعة من حته ثانية وخلاص وقف إطلاق النار ومشينا على كده واتحطت على الخريطة وروّحنا.
أحمد عطيفي: وقت الحصار كان من أعظم الأيام زي ما إحنا قلنا، أولا نمرة واحد بالنسبة للمعيشة إحنا كمجموعة فدائيين كسرنا مخزن بتاع أكل وأخذناه علشان نجيب نستقطب به ناس يجوا معانا لأن إحنا عددنا كان صغير، المياه.. بدأت المياه يتفتح بير، جابوا الناس القدام الكبار العواجيز اللي كانوا في السويس قالوا كان فيه بير فين.. لقوا بير في محل كان بتاع واحد جزماتي، قالوا كان هنا زمان كان فيه بير من مثلا من مائة سنة.
عبد المنعم خالد: لغاية لما قوات الطوارئ والصليب الأحمر اتفقوا مع العدو يدخلوا لنا ميه وأكل وحاجات دي.
أحمد عطيفي: بعد فك الاشتباك الثاني تم الاتفاق عن طريق الأمم المتحدة وبقى يجي لنا كل يوم من القاهرة عربيات نقل بتحمل مواد تموينية بيتراوح عددها من ثلاثين إلى أربعين عربية كل يوم، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فيها جميع أنواع الأكل، جميع أنواع الفاكهة، كانوا الإسرائيليين تعبانين زينا ما عندهمش برضه أكل ولا ميه ولذلك كانوا أحيانا يحاولوا يسرقوا صناديق من العربيات اللي جايه.
عبد المنعم خالد: ابتدينا بقى إيه في المائة يوم دول بقى طبعا فيه وقف إطلاق نار إحنا ما عندناش طبعا حاجه اسمها وقف إطلاق نار إحنا مالنا الجيش يقف أنا ما نقفش إحنا ناس فدائيين ولازم ندافع عن البلد والقوات الإسرائيلية بقت معانا في البلد دلوقتي بقى أمر واقع لازم لنموت لنموتهم، فابتدت الوطنية في البلد تزيد حتى اللي ما كنش شايل سلاح ابتدى يشيل سلاح ووزعنا مجموعات، اللي مش مضمونين لينا ناس مدنيين، بقالين، اللي موجود في البلد كله ابتدى بقى إيه.. نعمل مجموعات وبالليل نتسحب نروح مثلا لحته اللي اسمها الزراير نضرب منها.
أحمد عطيفي: جبنا عربية بتاعة اللي بيشيلوا عليها صناديق الكاكولا وجبنا أحد الشباب الله يدي له الصحة اسمه عبد الله اللحام وقلنا له الحم لنا عجل هنا والعربية دي كانت بتاعة رواش بتاع الفول بيحط عليها كاكولا ورحنا لحم لنا عليها قاعدة مدفع رشاش نص بوصة وبدأنا نحط عليها الرشاش وناس تركب وناس تزق ونضرب بها وإحنا بنجري علشان ما نستهلكش الوقود اللي في البلد وأحيانا علشان نستخبى من الاستطلاع الإسرائيلي نحط الأسلحة والذخيرة تحت ونحط جراكن ميه عليها وبطاطين على العربية دية ونعمل نفسنا رايحيين نملا ميه من أي مكان ونروح المكان نبدأ نضربه، كنا كل يوم بنعمل حوالي خمس ست عمليات في المائة يوم اللي موجودين.
عبد المنعم قناوي: أثناء محاولة العدو الغاشمة أنه هو يحتل السويس وحصار المائة يوم شاءت الأقدار إن أنا أكون في مأمورية فوق سلسلة جبال عتاقة، المهمة دي كانت لاستطلاع القوات اللي جاءت تحاصر مدينة السويس، ظليت استطلع قوات العدو طوال المائة يوم من فوق جبل عتاقة وإن القيادة العسكرية في القاهرة يعني استفادت من المعلومات اللي أنا كنت بأبعتها لهم عن طريق جهاز اللاسلكي اللي كان موجود معايا وكذلك.. يعني قيادة الجيش الثالث الميداني عندما اكتشفت نقطة ملاحظة للعدو كان بالقرب من القيادة وبلغت في ذلك الوقت اللواء رحمة الله عليه عبد المنعم المصري قائد الجيش الثالث علمت فيما بعد بعد انتهاء الحصار أنه هو أصدر أوامره في ذلك اليوم ونقل القيادة بالكامل لمركز تبادلي آخَر عند الكيلو 51 ويجي صباح أول ضوء اليوم التالي تيجي طيارات العدو المعادية من طراز الفانتوم والاسكاي هوك والميراج تدك المواقع العسكرية لكن دون أن تحدث لهم لا خسائر لا في الأرواح ولا في المعدات، المعيشة كانت صعبة لأنه إحنا كنا في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر لغاية 29 يناير 1974، كل ده الكام شهر دول كان عز البرد إزاي الواحد كان بينام، كان بينام كده يعني خلسة وكان الواحد لما بينام كان بينام زي الكلب يحط دماغه بين رجليه ويفضل ينفخ لغاية لما يبقى فيه يعني دفء بسيط جدا يا دوب العين تغفل كده ولكن الهوى لمّا بيقوم بيروح الواحد صاحي ثاني، المياه لمّا كان بينزل الندى والواحد كان بيأخذ الميه من الصخور اللي بتتكون فيها قطرات الندى ويشرب رغم صعوبة الحياة ولكن دي كانت أسعد أيام في حياتي.
أحمد عطيفي: بالنسبة لنا كمجموعة فدائيين منظمة سيناء نحمد الله ونشكر فضله إن إحنا دخلنا العمل الفدائي لله وإن إحنا كنا سوايسة اللي شفناه في نكسة 1967 وشفنا البهدلة بتاعة الجيش بتاعنا خلتنا عايزين ننتقم لينا ولشرفنا.
عبد المنعم قناوي: تم تكريمنا في حفل كان يحضره رحمة الله عليه المشير أحمد بدوي وزير الدفاع الأسبق في سنة 1980، تم تكريمنا من قبل وزارة الداخلية من خلال الاحتفال بأعياد الشرطة، تكريمنا سنويا من خلال يوم المحاربين القدماء وضحايا الحرب، من خلال إدارة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة بتبعت طبعا ناس تحج سواء من أسر الشهداء أو مَن هم مازالوا على قيد الحياة.
أحمد عطيفي: إلا إن إحنا إلى الآن لم نجازى على هذا العمل من أي مكان في الدولة ولم نأخذ أي ميزة في الدولة ولكن بنقول ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله زال وانفصل، السيدة جيهان السادات جاءت واحتفلت وراحت مديه كل واحد شهادة استثمار بعشرة جنيه.
عبد المنعم قناوي: والواحد مش عايز من الدنيا حاجه.. يعني الواحد قدم يعني اللي ربنا قدره به في سبيل الله وفي سبيل الوطن وكفاية إن ربنا أكرمنا وانطبقت علينا الآية الكريمة اللي بتقول بسم الله الرحمن الرحيم {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.
محمود عواد: وطبعا الحاجات دي اتعملت أولا بفضل الله علشان ما نبقاش جاحدين وننكر فضل الله لأنه {ومَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} {إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
أحمد عطيفي: إحنا النهارده منا اللي سواق أتوبيس، منا اللي سباك، منا اللي هو مدرس في مجال البترول، زي ما إحنا موجودين ما فيناش ولا واحد بقى مليونير ما فيناش ولا واحد بقى صاحب مصانع ما فيناش ولا واحد وصل إلى مراكز عليا لأننا لسنا وصوليين ولكن عملنا للبلد وإن شاء الله يكون عملنا خالص لوجه الله.
محمود عواد: لله الأمر في ذلك.. يعني له الحكمة في ذلك.. يعني علشان نعيش ونشوف المرارة ونشوف اللي شوفناه.
حماكي الله ياسويس يابلدي ياحبيبتي يأغلي من نفسي عليا
رحم الله شهدائنا وجزاهم الله عنا خيرا